كانُوا يَهْتَدُونَ) (١) ، حيث أثبتوا لأنفسهم إغواءا وهو تكلّم بلسان الدنيا ، ثم تبرّءوا إليه وهو تكلّم بلسان الآخرة.
وفي تفسير العياشي : عن أبي معمّر السعدي ، قال : أتى عليّا رجل فقال يا أمير المؤمنين! إنّي شككت في كتاب الله المنزل ، فقال له علي : «ثكلتك أمك ، وكيف شككت في كتاب الله المنزل» ، فقال له الرجل : لأنّي وجدت الكتاب يكذّب بعضه بعضا وينقض بعضه بعضا ، قال : «فهات الذي شككت فيه» فقال : لأنّ الله يقول : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٢) ، ويقول : حيث استنطقوا قال الله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، ويقول : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٣) ، ويقول : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٤) ، ويقول : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) (٥) ، ويقول : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦) ، فمرّة يتكلّمون ومرة لا يتكلّمون ، ومرّة ينطق الجلود والأيدي والأرجل ، ومرّة (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٧) قال : فأنّى ذلك يا أمير المؤمنين!؟
فقال له علي عليهالسلام : «إنّ ذلك ليس في موطن واحد ، وهي في مواطن
__________________
(١). القصص (٢٨) : ٦٢ ـ ٦٤.
(٢). النبأ (٧٨) : ٣٨.
(٣). العنكبوت (٢٩) : ٢٥.
(٤). ص (٣٨) : ٦٤.
(٥). ق (٥٠) : ٢٨.
(٦). يس (٣٦) : ٦٥.
(٧). النبأ (٧٨) : ٣٨.