بذلك كعيسى بن مريم وعزير وغيرهما ، لكنّهم إنّما زعم فيهم ما زعم بعد ارتحالهم من الدنيا ، وكم من صغير عظّمته نظّارة الخيال ، أو قليل كثّره ، وأمّا هذا الزعم لأحد في حياته ومشافهته فهو ممّا اختصّ به عليّ ـ عليهالسلام ـ ولم يشاركه فيه أحد ولم يرجع زاعموا ألوهيّته حتى قتلوا وأحرقوا وأفنوا ثم نبغوا (١).
وحسبك في ذلك أنّ أقواما من المنتحلين بالإسلام راموا نيل حقائقه واقتناص باطنه ، تلك الطوائف المختلفة من طبقاته المختلفة منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا ، ولا يزالون تتّسع دوائرهم برهة وتضيق أخرى ، ولم يزالوا ينتسبون إليه ويقفون دونه لا يعدونه ، ولو قصد قاصد منهم إنتماءا إلى غيره جبّهوه بالإبطال وألزموه بحججهم.
هذا ، وفي الكافي عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا ، عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ قال : «أمر الله رسوله بولاية علي ـ عليهالسلام ـ ، وأنزل عليه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ، وفرض (٢) ولاية أولي الأمر ، فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمدا [ـ صلىاللهعليهوآله ـ] أن يفسّر لهم الولاية ، كما فسّر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج ، فلمّا أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وتخوّف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذّبوه ، فضاق صدره وراجع ربّه عزوجل ، فأوحى الله عزوجل إليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما
__________________
(١). هكذا.
(٢). في الأصل بزيادة «من»