كتابه بذلك وكرّر القول فيه ، فما له من الفعل فهو مرضيّ له سبحانه ، وما يقوله هو قوله ، يجب الإئتمار بأمره ، والإنتهاء عن نهيه ، لأنّه أمر الله ونهيه.
والصالحون من المؤمنين وإن كانوا كذلك ، فإذا قالوا فأمروا بأمر الله ، يجب الإئتمار به ، أو نهوا بنهي الله ، يجب الإنتهاء له ، فلا إطاعة إلّا لحكم الله ، لكن بينهما فرقا من حيث أنّ آية الولاية تصديق وكشف إجمالى عن كون فعله مرضيّا لله سبحانه وقوله قول الله ، فليس لمؤمن أن يبحث عنه ويسأل بخلاف ما عند صالحي المؤمنين من الفعل والقول ففيه البحث والسؤال ، وهذا هو العصمة والولاية بمعنى ملك التدبير وأولوية التصرف وهو المطلوب.
وقد أثبت الله سبحانه الولاية فيه ـ عليهالسلام ـ بطريق آخر بقوله : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (١) ، وسيجيء بيانه إن شاء الله.
ولا ينبغي لك أن تذهل عن أنّ الولاية في الآية مطلقة ، فيفيد ولايته عليهالسلام في الحقيقة والظاهر ، ولو أغمضنا عن ذلك كفى في إثبات حقيقة الولاية في حقّه ـ عليهالسلام ـ ، أنّ ما يثبته القرآن الشريف منها لأحد فملاكه موجود فيه ـ عليهالسلام ـ أتمّ الوجود وأشدّ التحقّق ، فما من فضيلة حقيقيّة أو منقبة دينية تعرّض لها كتاب الله تعالى إلّا وهو المتمكّن في بساطها والقائم على مناطها ، ومع ذلك فكم له من مقام محمود ، وموقف مشهود اختصّه الله به لا يشاركه فيه سابق و [لا] لا حق ، وكفى بالتاريخ حكما ، وناهيك في ذلك وقوع الزعم من عدّة من العقلاء في ألوهيّته ، وإنّا وإن كنّا نجد أفرادا من البشر قيل فيهم
__________________
(١). التحريم (٦٦) : ٤.