من حيث اتّحاد نظام التدبير متّصلة مرتبطة ، والجميع أو العمدة (الأكثر) منها نعمة بالنسبة إلى كلّ بعض الفروض ، قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١) وقال : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (٢).
إلّا أنّه سبحانه : عدّ عدّة من هذه المسمّاة بالنعم شرّا ووبالا كقوله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣) ، وكقوله : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ* مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (٤) ، وقوله : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (٥) ، فعدّ الحياة الدنيا وهي المتعلّقة بهذه النعم الموجودة فيها الظاهرة والباطنة متاعا مقصودا بالغير لا شرف ولا كمال فيها إلّا لغايتها ، فعلمنا بذلك أنّ هذه النعم إنّما هي نعم وخير لغايتها وهي القرب من الله والكرامة عند الله ، فهي الخير والنعمة بذاتها ، وغيرها من النعم كذلك على حسب اشتمالها وقد مرّ وسيجيء أنّها هي التي نسمّيها بالولاية ، فالنعمة بالحقيقة هي الولاية من الله ـ سبحانه ـ ، ولذلك فسّرت النعمة في القرآن في عامّة مواردها بها في أخبار أهل البيت عليهمالسلام.
ومن هنا أتى بالنعمة بصيغة الإفراد وأضيفت إلى الضمير ، وإذ تحقّق كمال الدين في ظاهره وتمامه في باطنه أتبع ذلك بقوله : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٦) ، وقد مرّ الكلام في معنى الإسلام وأنّه
__________________
(١). إبراهيم (١٤) : ٣٤.
(٢). لقمان (٣١) : ٢٠.
(٣). آل عمران (٣) : ١٧٨.
(٤). آل عمران (٣) : ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٥). العنكبوت (٢٩) : ٦٤.
(٦). آل عمران (٣) : ١٩.