خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥)) [٤١ ـ ٤٥].
(١) والطير صافات : باسطة أجنحتها في السماء.
(٢) يزجي : يسوق.
(٣) ركاما : متكاثفا أو متراكما بعضه على بعض.
(٤) الودق : قطرات المطر.
(٥) وينزل من السماء من جبال فيها من برد : أوجه تأويلات الجملة هو (ينزل من السماء بردا قدر الجبال).
(٦) سنا : سناء وهو الضوء أو لمعان الجسم المضيء.
عبارة الآيات واضحة. وفيها تنبيه وتقرير بصيغة السؤال ولفت النظر إلى بعض مشاهد قدرة الله وملكوته ونواميس كونه وخضوع خلقه له. وتقرير كونه هو الذي يخلق كل شيء ، والقادر على كل شيء ، والمحيط علمه بكل شيء ، وإليه مرجع كل شيء.
ولم يرو المفسرون رواية ما في نزولها. والمتبادر أنها متصلة بسابقاتها وبخاصة بآية النور اتصال تعقيب واستطراد. ففي ما جاء في الآيات من مظاهر قدرة الله ونواميسه الكونية وإحاطته بكل شيء في السموات والأرض عبرة لأولي البصائر النيرة والعقول السليمة خليقة بأن تكون دافعة لهم إلى ذكر الله والاستشعار بعظمته وهيبته والاستمساك بحبله والدأب على القيام بواجبهم نحوه.
والمتبادر كذلك أن ما احتوته الآيات من نواميس كونية وتكوينية هو مما يقع تحت مشاهدات الناس ومداركهم وأن القصد من ذلك هو إثارة الاعتبار فيهم وجعلهم يعترفون بعظمة الله وقدرته ويخضعون له. وليس بسبيل شرح تلك