عودة النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين إلى المدينة وهو ما يلهمه انسجام آياتها وترابطها ووحدة سياقها وموضوعها. والله أعلم.
ولقد روى البخاري ومسلم عن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وفي رواية «نزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا جميعا» (١).
ومن المحتمل أن يكون ما في السورة من إقرار لما فعله النبي صلىاللهعليهوسلم وبشارات عظمى لما سوف ينتج عنه من فتح ونصر وغفران الذنوب المتقدمة والمتأخرة وإظهار دين الله على الدين كلّه مما جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشعر بهذا الشعور بنزول السورة وينوه فيها هذا التنويه العظيم. والله أعلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً (٣)) [١ ـ ٣]
تعليق على الآية
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)
والآيتين التاليتين لها ، وعلى مدى جملة (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) وخلاصة عما ورد في الروايات
من ظروف ومشاهد سفرة الحديبية وصلحها
الخطاب في الآيات موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم باتفاق المفسرين وبقرينة الآيات نفسها. ويستلهم منها أنها مطلع تمهيدي لما احتوته السورة. وقد تضمن هذا المطلع :
(١) تنويها بعظم الفتح الذي يسّره الله عزوجل للنبي صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ١٠٩.
الجزء الثامن من التفسير الحديث* ٣٧