مسلمين بل قد تفيد أنهم غير مسلمين لأنها تذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم أراد أن ينفروا معه حتى تعلم قريش أنه جاء زائرا بدليل اشتراك غير مسلمين معه في الزيارة (١). غير أن حكاية طلب استغفار الأعراب من النبي صلىاللهعليهوسلم في الآية دليل على كونهم مسلمين. فضلا عن ما في التأميل في غفران الله ورحمته من قرينة. وفي آية قريبة أخرى دليل آخر أيضا على ما سوف يأتي شرحه. وفي روايات السيرة ما يفيد أن جماعات من مزينة وأشجع وفدوا على النبي صلىاللهعليهوسلم وأسلموا في السنة الهجرية الخامسة ، وأن جماعات من مزينة وأشجع وأسلم وغفار كانوا في عداد الجيش الذي زحف النبي صلىاللهعليهوسلم به على مكة في السنة الهجرية الثامنة (٢). حيث يفيد هذا أن منهم من كان مسلما قبل سفرة الحديبية بمدة ما. وكل ما يمكن أن يكون محتملا والحالة هذه أن إسلامهم لم يكن قد رسخ بعد وهو ما عبرت عنه آيات سورة الحجرات (١٤ ـ ١٧) وما تفيده من اتساع حلم الله ورسوله لهم على ما شرحناه في سياق تفسير هذه السورة.
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦)) [١٥ ـ ١٦].
تعليق على الآية
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها
ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ)
والآية التالية لها وما فيها من صور وتلقين
عبارة الآيتين اللغوية واضحة. وسين المستقبل فيهما قرينة على أن الأقوال
__________________
(١) وقد ذهب إلى هذا محمد حسين هيكل في كتابه حياة محمد.
(٢) انظر ابن سعد ج ٢ ص ٥٦ و ٧١ وج ٣ ص ١٨٢.