طعام وكساء ووجوب التصرف معهم بالحسنى. وهذا من مظاهر عناية القرآن بهذه الطبقة.
وروح الآية وتنبيهاتها تدل على أن السفهاء المقصودين في الآية هم الذين يكونون من ذوي رحم وقربى أصحاب الأموال الذين تجب عليهم نفقتهم.
ولقد أورد المفسرون (١) أقوالا عديدة في المقصود بكلمة السفهاء معزوة إلى ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم من الصحابة والتابعين منها أنهم الصبيان والنساء ، ومنها أنهم النساء خاصة ، ومنها أنهم كل ضعيف في عقله وتمييزه قاصرا كان أم بالغا وذكرا كان أو أنثى. ولقد أورد القائلون بأنهم النساء حديثا نبويا لم يرد في كتب الأحاديث الصحيحة جاء فيه «أنّ النساء سفهاء إلّا التي أطاعت قيّمها» مع أن هذا الحديث لو صحّ لا يصحّ أن يساق كدليل على تأويل الكلمة بالنساء فهو يصف المتزوجات اللاتي لا يطعن قيّمهن بالسفه لا جميع النساء ، وهؤلاء ليسوا إلّا قلة ضئيلة. وقد علقنا على هذا بما فيه الكفاية في سياق تفسير الآيات [٨ ـ ١٤] من سورة البقرة والآية [٢٠] من سورة الروم فلا حاجة للإعادة والزيادة. إلّا أن نقول إن نصّ الآية وروحها يتسقان مع القول الأخير الذي يقول إن المقصود من الكلمة كل ضعيف في عقله وتمييزه.
ومن العجيب أن الذين يقولون إنهم النساء خاصة ينسون أن في الآية السابقة لهذه الآية مباشرة صراحة بوجوب إعطاء الزوجة مهرها تاما دون ابتزاز منه وبتقرير حقها في التصرف فيه حيث ينقض هذا ذلك القول الذي يراد منه عدم قدرة المرأة على حسن التصرف والتدبير.
ويأتي بعد قليل آيات تقرر حقّ المرأة في الإرث وأهليتها في الدين والاستدانة والتملك والوصية والتصرف في كل ما اكتسبت. ومن جملة ذلك آية تنهى الزوج عن أخذ شيء مما أعطاه لزوجته ولو كان قنطارا مما فيه ضمنا إقرار بإعطاء الزوجات المال الكثير. وكل هذا يزيد في أسباب العجب ويكون فيه دعم حاسم.
__________________
(١) انظر تفسير الخازن وابن كثير والبغوي والطبرسي.