المتبادر من روح الآية أن الخطاب موجه في الدرجة الأولى إلى المسلمين الذين يؤمنون بالقرآن ويتلقون ما جاء فيه نبراسا وهدى لهم وهم أهل الدعوة إلى تقوى الله فإن استعمال لفظ (النَّاسُ) لا يخلو من معنى جليل في صدد الدعوة إلى تقوى الله في الحقوق التي هي قدر مشترك بين جميع الناس الذين يتألف منهم المجتمع البشري. وبهذا كله تبدو الآية رائعة في أسلوبها ومداها.
ويلحظ أن في الآية تكرارا لما ورد في سور سابقة في النزول من الإشارة إلى وحدة النفس الإنسانية وخلق زوجها منها. حيث يمكن أن يلمح من هذا التكرار قصد توكيد التنويه الرباني بشأن بني آدم ومركزهم بين خلق الله والتذكير بما يوجبه عليهم هذا التوكيد من تقوى الله تعالى على اعتبار أنهم هم المكلفون بذلك على ما شرحناه في آخر سورة الأحزاب السابقة لهذه السورة في النزول. وهناك أحاديث نبوية عديدة في تعظيم حرمة الأرحام والنهي عن قطيعتها حيث يبدو من ذلك حكمة ما جاء في الآية من مناشدة الناس بالأرحام التي يتساءلون بها ووجوب تقوى الله فيها. من ذلك حديث رواه الشيخان عن أبي أيوب جاء فيه «إنّ رجلا قال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال تعبد الله لا تشرك به شيئا. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم» (١) وحديث رواه الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة قال : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم من سرّه أن يبسط الله رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» (٢). وحديث رواه البخاري وأبو داود والترمذي جاء فيه «ليس الواصل بالمكافىء. ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (٣) وحديث رواه البخاري والترمذي عن أبي هريرة جاء فيه «قال النبي صلىاللهعليهوسلم إنّ الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته» (٤) وحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن جبير بن مطعم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لا يدخل الجنة قاطع رحم» (٥).
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٨ ـ ١٠ ، وهناك أحاديث أخرى فاكتفينا بما تقدم.
(٢) التاج ج ٥ ص ٨ ـ ١٠ ، وهناك أحاديث أخرى فاكتفينا بما تقدم.
(٣) التاج ج ٥ ص ٨ ـ ١٠ ، وهناك أحاديث أخرى فاكتفينا بما تقدم.
(٤) التاج ج ٥ ص ٨ ـ ١٠ ، وهناك أحاديث أخرى فاكتفينا بما تقدم.
(٥) التاج ج ٥ ص ٨ ـ ١٠ ، وهناك أحاديث أخرى فاكتفينا بما تقدم.