للدعاة الى دين الله في اي ارض وفي اي زمان ان يعيشوا طويلا في الحقيقة الكبيرة الكامنة في تلك الآيات وملابسات نزولها.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) وهي اللفتة الاولى الى مصدر التكليف بهذه الدعوة. وينبوع حقيقتها. انها من الله هو مصدرها الوحيد. وهو الذي نزل بها القرآن فليس لها مصدر آخر. ولا يمكن ان تختلط حقيقتها بشيء آخر لا يفيض من هذا الينبوع. وكل ما عدا هذا المصدر لا يتلقى عنه ولا يستمد منه. ثم ان الله الذي نزل هذا القرآن وكلف بهذه الدعوة لن يتركها. ولن يترك الداعي اليها. وهذا معرض يصعب رده ورفضه.
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ..) ان الامور مرهونة بقدر الله. وهو يمهل الباطل. وقد يملي للشر ويطيل امد المحنة على المؤمنين والابتلاء. والتمحيص. كل اولئك لحكمة يعلمها يجري بها قدره. وينفذ بها حكمه (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) حتى يجيء موعده المرسوم.
(وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) فهم لا يدعونك الى طاعة. ولا الى بر ولا الى خير فهم آثمون كفار. يدعونك الى شيء من الاثم والكفر وقد كانوا يدعونه باسم شهوة السلطان.
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ..) هذا هو الزاد للآخرة. وغذاء للروح في هذه الحياة.
(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ..) ان هؤلاء الجهال والمنحرفين يقسرون رغباتهم في ملذات هذه الحياة. وينسون نعيم الآخرة التي لا مثيل لها في هذه الحياة. فالذي يرغب في الزهيد ويترك ما هو اعلى واعظم وادوم. فذلك انسان مطموس البصيرة فعليه ان يسارع لمداواة بصيرته قبل ان يأتيه الموت فيسلب لذات هذه الحياة ويحرمه ملذات الآخرة ويخلد في نار الجحيم.