مبهورا مدهوشا متحيرا في صنعته المتقنة. المتنسقة التنظيم. هي هذا الخلق الذي يجمع الى العظمة الباهرة الجمال الحقيقي الكامل. الذي لا يرى فيه البصر ولا القلب موضعا للنقص. ولا يذهب التكرار والالفة بجاذبيته المتناسق (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) الملك
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) والاستواء هنا هو رمز للاستعلاء على كافة مخلوقاته. فالاستعلاء درجة فوق الخلق (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ. مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ).
وأين. ومن. وهو سبحانه المسيطر على العرش والسموات والارض وما بينهما. وخلقهم (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) وتذكر هذه الحقيقة. يردّ القلب الى الاقرار بالله. والاتجاه اليه ان كان فيه أدنى حياة.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) والتعبير يرسم مجال التدبير منظورا شاملا (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) ليلقي على الحسّ البشري مجال التصور والخشوع ... ثم يرتفع كل تدبير وكل تقدير بمآله وتنائجه يرتفع اليه سبحانه في علاه. في اليوم الذي قدره لعرض مآلات الاعمال (أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهو يرتفع اليه. أو يترفع باذنه حين يشاء (ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ..)
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠))
البيان : ذلك الذي خلق السموات والارض. والذي ـ استولى وهيمن على الكون وما حواه ـ (ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ) المطلع على ما غاب وما لا يغيب وما يحضر وما مضى وما هو آت. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) في ارادته وتدبيره.