تناسقا دقيقا عجيبا. فيرى ويبصر ان كل شيء موجود في هذا الوجود (مقدر بقدر) متناسق منظم. كامل غير منقوص محكم غير عشوائي مدبر غير مهمل. قد وجد لغاية بدون عبث. لنفع لا لضرر لصلاح لا لفساد لسعادة لا لشقاء. كل ذلك يحققه القلب المفتوح. ويتدبره الفكر السليم
لقد وصلوا الى كثير من ذلك في القرن العشرين. وعرفوا حقيقته بعد ان كانوا يجهلون ولكن يا للاسف وصلوا اليه بابدانهم دون نفوسهم وادركوه بابصارهم دون بصائرهم. واستفادوا منه القشور دون الالباب واستعملوه للتدمير والتخريب. لا لنفع العباد وطاعة الخلّاق
وأفنوا اعمارهم في معرفة مواده ووجوده دون ان يفكّروا بمن أوجده وخلقه لهم. فشقوا بما وصلوا اليه وتردّوا عما كانوا عليه يوم خلقهم خالقهم اطفالا صغارا. نظيفين اطهارا. فتسافلوا وتلوثوا. وانحدروا الى اسفل سافلين كما وصفهم خالقهم العظيم :
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)) الفرقان (٤٣)
لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)
على ان الامر اعظم واشمل في التقدير والتدبير. ان حركة هذا الكون كله باحداثها ووقائعها. وتياراتها مقدرة مدبرة. صغيرها وكبيرها وكل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس كل فرد. وككل نفس يخرج من الصدر. ان هذه النفس مقدرة في وقتها مقدرة في مكانها. مقدرة في اطرافها كلها. مرتبطة بنظام خالقها. تسبح خالقها بكمالها وتمامها وجمالها. والله عزوجل يعلمهم في هذا القرآن ان كل شيء بقدر. ليرجعوا في أمورهم اليه. ويسلموا امورهم له. وينقادوا الى طاعته