الصلاة والمؤتون الزكاة المفلحون في الدنيا والاخرة (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ..
ولهو الحديث كل كلام يلهي القلب ويأكل الوقت. ولا يثمر خيرا ولا يؤتي حصيلة تليق بوظيفة الانسان المستخلف في هذه الارض لعمارتها بالخير والعدل والصلاح. هذه الوظيفة التي يقررها الاسلام بطبيعتها وحدودها ووسائلها. ويرسم لها الطريق والنص عام (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) يشتريه بماله ويشتريه بوقته. ويشتريه بحياته يبذل تلك الاثمان الغالية في لهو رخيص. يفني فيه عمره المحدود الذي لا يعاد ولا يعود. يشتري هذا اللهو (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) فهو جاهل محجوب عن الحكمة والصلاح ويضل نفسه ويضل غيره. بهذا اللهو الذي ينفق فيه الحياة. وهو سيء الادب مع خالقه العظيم. (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) وهو يشهد فيه حركة ترسم هيئة المستكبر (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) هؤلاء الذين آمنوا وحققوا ايمانهم بالعمل الصالح (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خالِدِينَ فِيها) لهم هذه الجنات وهذا الخلود تحقيقا لوعد الله الحق (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) فقد بلغ من فضل الخالق على العباد ان يوجب على نفسه الاحسان اليهم جزاء احسانهم لأنفسهم واله سبحانه (وهو الغني عن الجميع) (وهو العزيز الحكيم). (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) وهذه السموات ـ بظاهر مدلولها ودون تعمق في آية بحوث علمية معقدة ـ تواجه النظر والحس هائلة فسيحة سامقة. وسواء أكانت السموات هي هذه الكواكب والنجوم والمجرات والسدم السابحة في الفضاء التي لا يعلم سرها الا الله تعالى او كانت هي هذه القبة التي تراها العين. ولا يعرف ما هي على وجه التحقيق الا خالقها.(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) يرتد السياق بالقلب البشري الى الارض