البيان : فالايمان تصديق بالقلب. واقرار باللسان. وعمل بالاركان. عن صدق واخلاص. فالقلب متى تذوق حلاوة هذا الايمان واطمأن اليه وثبت عليه. لا بد ان يندفع لتحقيق حقيقته في الخارج. وفي واقع الحياة. ولا يطيق الصبر على فراقه او التخلي عنه طرفة عين.
ومن هنا ينطلق المسلم الحقيقي الى الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال. وكل عزيز لديه. فهو انطلاق ذاتي من نفس المؤمن. يريد به ان يحقق به الصورة الوضيئة التي في قلبه. (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الصادقون في عقيدتهم. الصادقون حين ينطقون بألسنتهم فاذا لم تتحقق تلك المشاعر في القلب. ولم تتحقق أثارها في واقع الحياة فالايمان لا يتحقق (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) الانسان قد يدعي العلم والمعرفة. وهو لا يعرف نفسه والانسان حينما يراقب نفسه يكف عن عمله الذي يتنافى مع عقيدته وايمانه ..
(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بعد بيان حقيقة الايمان التي لم يدركوها ولم يبلغوها (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) لقد منّوا بالاسلام. وزعموا الايمان فجاءهم الرد ان لا تمنوا بالاسلام. وان المنة لله تعالى عليكم ان كنتم صادقين في ادعائكم للايمان. ان الايمان هو كبرى المنن التي ينعمها الله على عبده. في هذه الحياة. انها المنة التي تجعل للوجود الانساني حقيقة مميزة. وتجعل له في نظام الكون دورا اصيلا عظيما. واول ما يصنعه الايمان في الكائن البشري. حين تستقر حقيقته في قلبه. هو سعة تصوره لهذا الوجود. ولارتباطاته به ولدوره هو فيه. وصحة تصوره للقيم والاشياء. فالمؤمن يعرف ـ بقلب مطمئن. وضمير مستريح وروح مستبشرة ـ انه يلبس ثوب العمر بقدر الله العظيم الذي يصرف الوجود كله تصريف الحكيم الخبير. وان اليد التي ألبسته اياه أحكم منه وارحم