وبالفرج والكرب كلها تكشف عما هو مخبوء من معادن النفوس بعد الابتلاء. فهو تعلق علمه بها في حالته لأصحابها. اما المراد بعلم الله لما تنكشف عنه النفوس بعد الابتلاء فهو تعلق علمه بها الظاهرة التي يراها الناس عليها.
ومع هذا فان العبد المؤمن يرجو الا يتعرض لبلاء الله وامتحانه. ويتطلع الى عافيته ورحمته. فاذا أصابه بلاء الله بعد هذا وجب الصبر له. ويعتقد ان وراءه الحكمة الالهية ووجب الاستسلام لمشيئة الله عزوجل. واثقا من عدله. متطلعا الى رحمته وعافيته بعد الابتلاء. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ. لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) انه قرار من الله العظيم مؤكد. ووعد منه واقع. ان هؤلاء (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) وهم أضعف واعجز من ان يلحقوا ضررا بخالقهم العظيم. وانما المقصود انهم لن يضروا دين الله سبحانه. ولا منهجه ولا القائمين في دعوته. ولن يحدثوا حدثا في نواميسه وسننه. مهما بلغ كيدهم.
فأن هذا أبتلاء وقتي يقع من قوتهم باذن الله لحكمة يريدها. وليست ضررا حقيقيا لناموس الله وسنته ونظامه وعباده القائمين على نظامه ونهجه. والعاقبة مقررة. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وهذا التوجيه يوحي بانه كان في الجماعة المسلمة يومئذ من لا يتحرى الطاعة الكاملة. وتشق عليه بعض التضحيات. التي يقتضيها جهاد هذه الطوائف القوية المختلفة التي تقف للاسلام وتناوشه من كل جانب. والتي يقتضيها الجهاد ويربطها بالمسلمين فربما يصعب قصمها والتخلي عنها.
ثم بين الله تعالى لهم في الآية التالية مصير الذين يشاقون الله