فما يعالج القلب البشري هذا العلاج الا خالقه البصير به العليم بخفاياه.
والله تعالى خالق الناس. ويعلم ان الهجرة من الارض عسيرة على النفس. وأن التجرد من تلك الوشائج امر شاقّ. وان ترك المألوف ووسائل الرزق واستقبال في ارض جديدة تكليف صعب على بني الانسان (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) فيأخذ قلوبهم بهذه اللمسة في موضعها المناسب. ويعالج ما يشق على تلك القلوب الضعيفة وينسم عليها في موقف الشدة نسمة القرب والرحمة ويفتح لها ابواب العوض والجزاء.
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠))
البيان : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) هذا الاعلان من النبي ص وآله بأنه مأمور ان يعبد الله وحده. ويخلص له الدين وحده. وان يكون بهذا اول المسلمين. وانه يخاف عذاب يوم عظيم ان هو عصى ربه. هذا الاعلان ذو قيمة كبرى في تجريد عقيدة التوحيد. كما جاء الاسلام فالنبي ص وآله. في هذا المقام هو عبد الله هذا مقامه لا يتعداه. وفي مقام العبادة يقف العبيد كلهم صفا. وترتفع ذات الله تعالى متفردة فوق الجميع. وهذا هو المراد من القول. وعند