(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ. وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ). وان تشكروا يرضاه لكم). ان هذه الرحلة في بطون الامهات هي رحلة في الطريق الطويل. تليها مرحلة الحياة. خارج البطن. ثم تعقبها المرحلة الاخيرة. مرحلة الحساب والجزاء بالاحسان احسانا وبالسيئات عقابا وعذابا. كل ذلك بتدبير المبدع العليم. العادل الحكيم.
فالخالق العظيم غني عن جميع مخلوقاته. انما هي رحمته وفضله وهم الفقراء الى عنايته. فايمان جميع المخلوقات لا يزيد في ملكه مثقال ذرة. وعصيانهم وكفرهم لا ينقص منه مثقال ذرة.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) والمرجع في النهاية الى المولى العظيم دون سواه. ولا مهرب منه ولا تخفى عليه خافية حتى ما تكنّه الصدور وما تنعقد عليه النوايا.
(ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) هذه هي العاقبة للاخيار والاشرار.
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ). ان فطرة الانسان تبرز عارية حين يمسّه الضر وينقطع أمله من الاسباب كلها. حينئذ تتجه الى خالقها بدون اختيار. وتنيب اليه وحده. وهي تعتقد حينئذ انه قادر على كشف الضر عنها. وتعترف بعجز كل مخلوق.
فأما حين ما يجيب الدعاء ويذهب الضر تنسى كلما توسلت به اليه. وترجع الى تجبرها والى لهوها وشهواتها ومطامعها. وتكون العاقبة هي الضلال عن سبيل الله الذي لا يتعدد : وتنسب شفاها لغير الله
(قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) وكل متاع في هذه الارض قليل وزائل. كل متاع في هذه الارض قليل وكل نعيم عند الجنة حقير. وكل بلاء عند النار عافية. فما قيمة هذه الحياة بما