مشدودة بالاغلال الى اعناقهم. موضوعة تحت اذقانهم. ومن ثم فان رؤوسهم مرفوعة قسرا. لا يملكون ان ينظروا بها الى الامام. ومن ثم لا يملكون حرية النظر. ومن عنف هذا المشهد الحسي وشدته. فأن الانسان ليلتقي باناس من هذا النوع (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فقد قضى الله فيهم امره بما علمه من عنادهم اتباع أهوائهم. واغلاق قلوبهم التي لا ينفذ اليها الايمان. ولا ينفع معها الانذار. فان قلوبهم غير مهيأة للايمان والتغير عما هم عليه. فالأنذار لا ينفع مع اغلاق القلوب.
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩) وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١))
البيان : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) المراد من الذكر هنا هو القرآن. والذي أتبع القرآن. وخشى الرحمان دون ان يراه. هو الذي ينتفع بالأنذار وكأنما الرسول ص وآله قد خصّه به. وان كان قد عمّم الّا أن أولئك حيل بينهم وبين تلقيه الهوى فانحصر في من اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب. وهذا يستحق التبشير. بعد انتفاعه بالأنذار (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) وهنا يؤكد وقوع البعث.
(نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) (أحياء الموتى هو احرى القضايا التي استغرقت جدلا طويلا. وسيرد منه في هذه