والاعتبارات. ولو تظافر عليها الانس والجن. فكلهم لو كانوا متماسكين متعاونين. لا يقدرون ولا يفتحون رحمة الله حين يمسكها. ولا يمسكونها حين يفتحها. (هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وهكذا أنشأ القرآن المجيد. بمثل هذه الاية. وهذه الصورة. تلك الفئة العجيبة من البشر في صدر الاسلام. الفئة التي صنعت على عين الله بقرآنه هذا لتكون أداة من أدوات القدوة.
عين الله بقرآنه هذا لتكون أداة من أدوات القدرة. تنشىء في الارض ما شاء الله ان ينشىء من عقيدة وتصور. وقيم وموازين. ونظم وأوضاع.
وما يزال هذا القرآن بين أيدي الناس قادرا على أن ينشىء بآياته تلك أفرادا وفئات تمحو وتثبت في الارض ـ باذن الله ـ ما شاء الله ... ذلك حين تستقر هذه الصورة في القلوب فتأخذ جدا وتتمثل حقا. حقا تحسّه كأنها تلمسه بالايدي وتراه بالابصار.
ويبقى أن أتوجه أنا بالحمد لله على رحمة منه خاصّة عرفنيها منه في هذه الاية. لقد واجهتني هذه الاية في هذه اللحظة وانا في عسر وجهد وضيق ومشقة وخوفي من خالقي فشرحت صدري وانعشت قلبي. وفتحت علي ابواب الفيض الالهي الذي ينزل بغير حساب من غير حساب. ويسر الله لي أن اطلع منها على حقيقتها. وان تسكب حقيقتها في روحي. كأنما هي رحيق أرشفه وأحس سريانه ودبيبه في كياني. حقيقة أذوقها لا معنى ادركه. فكانت رحمة بذاتها. تقدم نفسها لي تفسيرا واقعيا لحقيقة الاية التي تفتحت لي تفتحها هذا. وقد قرأتها من قبل كثيرا. ولكنها اللحظة التي سكب رحيقها وتحقق معناها في قلبي وفمي.