تؤيدهم ويرون اثار الايمان في مواقفهم ـ وهذا ما كان فعلا ـ وعندئذ ينال المسلمين المجاهدين أجر جهادهم. واجر هداية الضالين بأيديهم. وينال الاسلام قوة جديدة تضاف الى قوته بهؤلاء المهتدين التائبين.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦))
البيان : لقد كان في المجتمع المسلم. ـ كما هو الحال عادة ـ فئة تجيد المداورة. وتنفذ من الاسوار وتتقن استخدام الاعذار. وتدور من خلف الجماعة. وتتصل بخصومها استجلابا للمصلحة ولو على حساب الجماعة. مرتكنة الى ميوعة العلاقات ووجود ثغرات في المفاصلة بين المعسكرات. فاذا وضحت المفاصلة وأعلنت قطعت الطريق على تلك الفئة. وكشفت المداخل والمسارب للانظار (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) يحاسب سبحانه الناس على ما يتكشف من حقيقتهم بفعلهم وسلوكهم وكذلك جرت سنته بالابتلاء. ليتكشف الخبيء وتتميز الصفوف وتتمحص القلوب ولا يكون ذلك كما يكون الا بالشدائد والمحن والابتلاءات.
(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨))
البيان : فهو امر مستنكر منذ الابتلاء ليس له مبرر لانه مخالف لطبائع الاشياء ان بيوت الله خاصة باؤليائه. فكيف يعمرها اعداء الله. ومن قلبه خالي من توحيد الله عزوجل.
ان العبادة تعبير عن العقيدة. فاذا لم تصح العقيدة لم تصح العبادة واداء الشعائر وعمارة المساجد ليست بشيء ما لم تعمر القلوب بالاعتقاد والايمان الصحيح. وبالعمل الواقعي الصريح. وبالتجرد لله في العمل والعبادة على السواء (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ...)