لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١)
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤))
البيان : لقد رد الله الانفال كلها الى الله والرسول ، ليعيد الرسول الله ص وآله ، قسمتها بينهم على السواء ـ بعد استبقاء الخمس الذي ستأتي فيما بعد مصادقة ـ ذلك لتخلص نفوس العصبة المؤمنة من كلا ملابسات الغنيمة ، فيمنع التنازع عليها ، ويصير حق التصرف فيها الى الرسول ص وآله كما يعلمه الله ، فلا يبقى في النفوس من أجلها شيء ، وليذهب ما حاك في نفوس الفئة التي حازت الغنائم ، ثم سويت مع الآخرين في القسمة على ما تقدم.
لقد اراد الله ـ وله الفضل والمنة ـ ان تكون ملحمة لا غنيمة ، وان تكون موقعة بين الحق والباطل ، ليحق الحق ويثبته ، ويبطل الباطل ويزهقه ، وأراد ان يقطع دابر الكافرين فيقتل منهم من قتل ، ويؤسر منهم من يؤسر ، وتذل كبرياؤهم وتخمد شوكتهم وتعلو راية الاسلام وتعلو معها كلمة الله ، ويمكن الله للعصبة المسلمة التي تعيش بمنهج الله ، وتنطلق به استحقاق لا عن جزاف.
لقد أراد الله للعصبة المسلمة ان تصبح أمة ، وان تصبح دولة ، وأن تصبح لها قوة وسلطان.
وان غزوة بدر لتمضي مثلا في التاريخ البشري ، وانها لتقرر دستور النصر ، والهزيمة ، وهي آية من آيات الله عزوجل ، وسنته الجارية في خلقه ما دامت السموات والارض :