كانت صاحبة فراسة وفطنة. (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ : أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ : كَأَنَّهُ هُوَ).
انها مفاجأة ضخمة لا تخطر على بال. فأين عرشها في اليمن وأقفالها وحراسها. وأين بيت المقدس مقر سليمان. (قالَتْ : كَأَنَّهُ هُوَ) لم ننف ولم تثبت. وهذا يدل على فراستها وحكمتها في مواجهة الحادثة العجيبة. (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ..) لقد كانت المفاجأة قصرا من البلور أقيم فوق الماء. وظهر كأنه لجة. فكشفت عن ساقيها (قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) وهنا وقفت مدهوشة امام هذه العجائب التي تعجز البشر عنها وتدل على ان سليمان (ع) مسخر له قوى كبرى غير قوة البشر. فرجعت الى الله عزوجل وناجته : لقد اهتدى قبلها وأستنار. فعرفت أن الاسلام والاستسلام لا يجوز لغير الخالق العظيم.
(قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي. وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فهنا العزة والغلبة والعظمة لله وحده.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣))
البيان : يلخص رسالة صالح (ع) في حقيقة واحدة. (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) فهذه هي القاعدة التي ترتكز عليها رسالة السماء الى الارض فى كل عصر وجيل. ومع كل نبي ووصي. وكل يمكن أن يهتف بهم الى الايمان