البيان : هذه قصة شعيب (ع) ـ ومكانتها التاريخية قبل قصة موسى ـ تجيىء هنا في مساق العبرة كبقية الاحداث. واصحاب الأيكة هم ـ غالبا ـ اهل مدين. والأيكة الشجرة ويبدو ان مدين كانت تحيط بها هذه الغيطة من الاشجار. وموقع مدين بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة. وقد بدأهم شعيب (ع) بما بدأ به كل رسول قومه. من أصل العقيدة والتعفف عن الأجر. ثم اخذ يواجههم بما هو من خاصة شأنهم (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ) ثم أستجاش شعيب مشاعر التقوى في نفوسهم. وهو يذكرهم بخالقهم الواحد خالق الاجيال كلها .. (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ). فما كان منهم الا ان أطلقوا عليه الاتهام بانه مسحور. فهو يخلط ويهذي بما يقول : (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) .. (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) وهو تحدي المستهتر الهازىء. وهو شبيه بتحدي المشركين للرسول الكريم. (قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ. إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) قيل أخذهم حر خانق شديد ثم تراءت لهم سحابة فاستظلوا بها. فوجدوا لها بردا. فاذا هي الصاعقة المجلجلة المدوية تدمرهم. وكان ذلك (يَوْمِ الظُّلَّةِ) فالظلة كانت سمة اليوم المعلوم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢))