الباب في وجوههم وقطعوا علاقتهم بخالقهم حتى استحوذ عليهم الشيطان فأنساه ذكر الله فتاهوا في طغيانهم يعمهون) بدون وعي ولا احساس. وهي لمسة الاعجاز في تكون الانسان وفيما يحيط به من دلائل وبراهين أنور من ضوء النهار لو ارادوها لانفسهم ولكنهم كذبوا فتاهوا.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨))
البيان : لقد كانت عقيدة الآخرة ، وما فيها من حساب وجزاء ، تفاجىء المشركين في الجزيرة مفاجأة كاملة ، ومع أن هذه العقيدة أصيلة في دين ابراهيم (ع) وهو جد هؤلاء المشركين ، وفي دين اسماعيل أبيهم الكريم ، الا انه كان قد طال عليهم الامد ، وبعد ما بينهم وبين أصول الاسلام الذي كان عليه ابراهيم واسماعيل (ع) ، حتى لقد اندثرت عقيدة الآخرة تماما من تصوراتهم ، فكانت أغرب شيء عليهم وأبعده عن تصورهم ، حتى لقد كانوا يعجبون من رسول الله ص وآله ، لانه يحدثهم عن الحياة بعد الموت ، وعن البعث والنشور والحساب والجزاء كما حكى عنهم القرآن المجيد :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ...
ولقد علم الله عزوجل ان أمة من الامم لا تملك ان تقود البشرية ، وتشهد عليها كما هي وظيفة الامة المسلمة ، الا أن تكون عقيدتها بالآخرة واضحة لها راسخة في تصورها وضميرها. فتصور الحياة على