فانما يتحاكمون الى شريعة واضحة مضبوطة. لا يخشى منها صاحب حق على حقه. ولا يلتبس فيها حق بباطل. ولا حلال بحرام (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها).
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
البيان : ان الايمان الصحيح متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك. والاسلام عقيدة متحركة لا تطيق السلبية. فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج. وهؤلاء كانوا يقولون (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) فالمؤمنون من تصدّق أفعالهم أقوالهم. والايمان ليس لعبة يتلهّى بها صاحبها ثم يدعها ويمضي. وانما هو تكيف في النفس وانطباع بالقلب. وعمل في الواقع. ثم لا تملك النفس الرجوع عنه متى استقرت حقيقته في الضمير. (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ).
فلقد كانوا يعلمون أن حكم الله ورسوله لا يحيد ولا يميل عن الحق قيد شعرة. ومتى مال وانحرف أصبح حكم الجبروت والطاغوت المأمور كل مؤمن بالكفر بهما. والبراءة منهما.
(أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، أَمِ ارْتابُوا) فمرض القلب جدير بان ينشىء مثل هذا الاثر. وما ينحرف الانسان هذا الانحراف وهو سليم