الواقعة المعلومة لهم في تاريخ أسلافهم ، وهو مواجهتهم بهذا التاريخ بوصفهم أمة متصلة بما سبق وهم راضون بما صنعوه وان يذكرهم بعصيانهم القديم ، وما جرى على فريق منهم من المسخ في الدنيا وماجره عليهم جميعا من كتابة الذل عليهم والغضب ابدا. اللهم الا الذين يتبعون الرسول الامي فيرفع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم.
واما الواقعة ذاتها فقد كان أبطالها جماعة من بني اسرائيل يسكنون ساحلية البحر. وكان بنو اسرائيل قد طلبوا ان يجعل لهم يوم راحة يتخذونه عيدا للعبادة ، ولا يشتغلون فيه بشؤون المعاش ، فجعل لهم السبت. ثم كان الابتلاء ، ليريهم الله ويعلمهم كيف تقوى ارادتهم على المغريات والاطماع ، وكان ذلك ضروريا لبني اسرائيل الذين تخلخلتهم شخصيات من المنحرفين.
ولم يصمد الا فريق من بني اسرائيل في هذه المرة ايضا ، لقد جعلت الحيتان في يوم السبت تتراءى لهم على السواحل سهلة المأخذ ، فتفوتهم وتفلت من أيديهم بسبب حرمة السبت التي قطعوها على انفسهم فاذا مضى السبت وجاءتهم ايام الحل ، لم يجدوا أثرا لتلك الحيتان ، كما كانوا يجدونها يوم السبت ، وهذا ما أمر الله تعالى رسوله ص وآله ، أن يذكرهم ويحذرهم أن يصيبهم ما أصاب بني اسرائيل وغيرهم من الامم الغابرة. (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ).
وانقسمت بنو اسرائيل ثلاثة أقسام ، قسم اصطاد السمك بحيلة أو بغير حيلة. وقسم استنكر ذلك ، وقسم لم ينكر ولم يصطاد ولم يكتف بهذا حتى جعل يقول للمنكرين : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ ... قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). فهو واجب لله نؤديه ، وليعلم انا قد أدينا ، ثم لعل النصح يؤثر في تلك القلوب ولما لم ينفع النصح بالعاصين والمخالفين خرجت الفئة المنكرة من بينهم وتركتهم وعصيانهم :