البيان : وهذا الوصف يصدق على اهل مكة في ذلك الوقت ـ ويصدق على لبنان في القرن العشرين ـ فقد جعل الله تعالى البيت الحرام في مكة المكرمة. وجعلها بلدا حراما من دخله فهو آمن مطمئن لا تمتد اليه يد ولو كان قاتلا. ولا يجرؤ على ايذائه. وهو في جوار بيت الله الحرام. وكان الناس يتخطفون من حول البيت. وأهل مكة في حراسته وحمايته آمنون مطمئنون. كذلك رزقهم كان يأتيهم هينا هنيئا من كل مكان مع الحجيج والقوافل الآمنة. مع انهم في واد قفر جدب غير ذي زرع. فكانت تجيء اليهم الثمرات من كل مكان. كما قال ابراهيم (ع) (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ). ثم ارسل اليهم الله عزوجل رسولا منهم يعرفونه صادقا أمينا. ولا يعرفون عنه ما يشين ابدا وقد بعثه الله تعالى اليهم رحمة لهم وللعالمين. دينه دين ابراهيم (ع) باني البيت الذي ينعمون في جواره بالأمن والطمأنينة والعيش الرغد. فاذا هم يكذبونه ويفترون عليه الافتراءات وينزلون به وبمن اتبعوه الاذى وهم ظالمون.
والمثل الذي يضربه الله لهم ينطبق على حالهم وعاقبة المثل امامهم (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) ـ فلما كذبت رسول الله ص وآله (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) واخذ قومها العذاب وهم ظالمون.
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩))
البيان : لا تقولوا للكذب الذي تصفونه بألسنتكم : هذا حلال