تتربص في الطريق. ومن ثم هذا الربط في رد الرسل (ع) بين شعورهم بهداية الله لهم وبين توكلهم عليه في مواجهة الشدائد مهما كان شكلها وحجمها.
وهذه الحقيقة ـ حقيقة الارتباط في قلب المؤمن بين شعوره بهداية الله ، وبين بديهة التوكل عليه ـ لا تستشعرها الا القلوب التي تزاول لها الحركة فعلا في مواجهة طاغوت الجاهلية في كل عصر ومكان. والتي تستشعر في أعماقها يد الله سبحانه وهي تفتح لها كوى النور فتبصر الآفاق المشرقة وتستروح نسيم الايمان الصحيح والمعرفة الحقة. وتحس الانس والقربى.
وحينئذ لا تحفل بما يتوعدها به طواغيت الارض بأجمعها. (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) (لنصبرن ، ولا نتزحزح ولا نضعف ولا نتراجع ولا نشك ونفرط ولا نحيد مهما تراكمت الامور. (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) : وهنا يسفر الطغيان عن وجهه. لانه يحس بهزيمته امام انتصار العقيدة. فيسفر بالقوة المتجبرة (ولنخرجنكم من أرضنا (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا).
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الاسلام والجاهلية ، ان الجاهلية لا ترضى من الاسلام والايمان ان يكون له كيان مستقل عنها. ولا تطيق ان يكون له وجود خارجي. وهي لا تسالم الاسلام. والاسلام لا يمكنه أن يرى الظلم والعدوان والفساد ويسكت عن كفاحه.
(فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ. ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ).
ولا بد أن ندرك أن تدخل القوة الكبرى للفصل بين الرسل والقوم انما يكون دائما بعد مفاصلة الرسل لقومهم. وبعد أن يرفض المسلمون