(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) انها صورة لعلم الخالق العظيم انها الاحاطة بكل ساكن ومتحرك. انها جولة تدير الرؤوس وتذهل العقول. الا انه الاعجاز. وننظر الى هذه الآية القصيرة من أي جانب فنرى هذا الاعجاز الناطق بمصدر هذا القرآن المجيد ننظر اليها من ناحية موضوعها فنجزم للوهلة الاولى بأن هذا الكلام يستحيل ان يقوله البشر. وانى للبشر ان يحيط باهداف هذه المعاني الهائلة.
وننظر اليها من ناحية الابداع الفني في التعبير ذاته فنرى في آفاقها الجمال والتناسق.
(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠)
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢))
البيان : بضع كلمات أخرى كالتي رسمت آفاق الغيب وآماده واغواره واشارت الى مدى العلم الالهي وشموله في الآية السابقة. بضع كلمات اخر تضم حياة البشرية كلها في قبضة الله عزوجل. وفي علمه وقدرته وتدبيره : صحوهم ومنامهم موتهم وحياتهم حشرهم وحسابهم. ولكن على طريقة القرآن المعجز في الاحياء والتشخيص وفي نفس المشاعر واستجاشتها مع كل صورة وكل مشهد وكل حركة يرسمها تعبيره العجيب
(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) فهي الوفاة المشخصة بالنوم. وما يعتر الحس من سهوة وما يعتري العقل من سكون. وما يعتري الوعي من سبات.
(وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) فما تتحرك جوارحهم لأخذ او ترك الا عند الله علمه ومسجل يسجل وهؤلاء هم البشر مراقبين في الحركات والسكنات