وهنا تتبدى خلقية الشر مجسمة. في عصيان الخالق العظيم. والاستكبار عن معرفة الفضل لأهله. وتبدو العزة بالاثم. والاستغلاق عن الرشد والصلاح.
ويوحي السياق ان ابليس لم يكن من جنس الملائكة. وانما كان معهم. والاستثناء هنا لا يدل على انه من جنسهم. فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء كما تقول :
جاء بنو فلان الا احمد. وان كان ليس منهم بل لانه معهم. وابليس من الجن بنص القرآن. والله خلق الجان من مارج من نار وهذا يقطع بانه ليس من الملائكة. والان قد انكشف ميدان المعركة الخالدة. المعركة بين خليقة الشر في ابليس. وخليقة الخير من اطاع الله واذعن لارادته. المعركة الخالدة في ضمير الانسان. المعركة التي ينتصر فيها الخير بمقدار ما يستعصم الانسان بطاعة خالقه والاذعان لارادته ويتسافل فيه الشر بمقدار عصيانه لربه واتباع هواه وشهواته.
عن الامام (ع) : ان ابليس قال رب اعفني من السجود لآدم وانا اعبدك عبادة لم يعبدها ملك مقرب ولا نبي مرسل. فقال الخالق عزوجل : لا حاجة لي في عبادتك. وانما عبادتي من حيث اريد لا من حيث يريد غيري.
(وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥))
ـ ابيحت لهما كل ثمار الجنة الا شجرة واحدة. قيل انها شجرة العنب ، وربما كانت ترمز للمحظور الذي لا بد منه في حياة الارض. فبغير محظور لا تثبت الارادة. ولا يتميز الانسان المريد من الحيوان المسوق. ولا يمتحن صبر الانسان على الوفاء بالعهد والتقيد بالشرط. فالارادة هي مفرق الطريق .. والذين يعيشون بلا