والذي يحدث الدهشة النقلة الهائلة التي انتقل اليها العرب في خلال ربع قرن من الزمن على عهد الرسالة المحمدية ، وهي فترة لا تفي لحدوث تطور في الاوضاع والاقتصاد :
(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ ...) انه موقف المواجهة للبيان والتقرير ثم المفاصلة ، ومن ثم يبدأ بتوجيه الرسول ص وآله لهذه المواجهة الملموسة بحواسهم.
(الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ، نعم لقد خسروا انفسهم وفقدوها وأي خسران يقابل خسران النعيم الدائم في جنة الخلد ، وأي خسران هائل يقابل عذاب جهنم الذي لا يخفف عن أهله.
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..)
ان قضية اتخاذ الله وحده وليا ، بكل معاني كلمة ولي ، ربا ومعبودا وناصرا ورازقا. ان هذه القضية هي قضية العقيدة في صميمها ، فاما اخلاص الولاء لله بهذه المعاني كلها فهو الاسلام الصحيح ، واما سواه فهو الاشراك ، الذي لا يجتمع في قلب واحد مع الاسلام.
وهذه الآيات تقرر هذه الحقيقة بأقوى عبارة وأعمق ايقاع (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا). انه المنطق الفطري القوي العميق ، لمن يكون الولاء ولمن يتمحص اذا لم يكن لله وحده :
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، والاسلام اساسه التوحيد والولاء لله الواحد الاحد. واما غير ذلك فهو اشراك ويستحيل ان يجتمع مع التوحيد ، في قلب مخلوق في الوجود : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
انه تصوير لحقيقة مشاعر الرسول ص وآله ، تجاه توحيد خالقه والاخلاص له في الطاعة والولاء ، ثم لماذا يتخذ غير الله وليا ، هل يرغب