ومن ثم جاء هذا التحذير الشديد وهذا التقرير الحاسم بخروج المسلم من اسلامه اذا هو والى من لا يرتضي ان يحكم كتاب الله في الحياة. سواء كانت الموالاة بمودة القلب او بنصره او باستنصاره.
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) هكذا ليس من الله في شيء. لا في صلة ولا نسبة. ولا دين ولا عقيدة. ولا رابطة ولا ولاية فهو بعيد عن الله منقطع الصلة تماما في كل شيء تكون فيه الصلات. ولما كان الامر في هذه الحالة متروكا للضمائر ولتقوى القلوب وخشيتها من علام الغيوم. فقد تضمن التهديد تحذير المؤمنين من نقمة الله وغضبه في صورة عجيبة من التعبير حقا :
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (وهو امعان في تحذير وتهديد. التحذير الذي يهز القلوب. باستحضار يوم مرهوب. الذي تواجه فيه كل نفس برصيدها كله.
وهي مواجهة تأخذ المسالك على القلب البشري. وتحاصره برصيده ان خيرا فخير وان شرا فشر. وتصور له نفسه وهو يواجه هذا الرصيد. ويود ـ ولكن ولات حين مناص ـ ولو ان بينه وبين السوء والشر. الذي عمله ـ في حياته القصيرة. أمدا بعيدا ـ ولات حين خلاص ـ ولات حين فرار الاسلام لا يمنع ان يعامل المسلم بالحسنى من لا يحاربه في دينه. ولكن الولاء شيء آخر. غير المعاملة بالحسنى الولاء ارتباط وتواد. وهذا لا يكون ـ في قلب يؤمن بالله حقا.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢))
البيان : ان حب الله ليس دعوى باللسان. ولا هياما بالوجدان الا ان يصاحبه الاتباع لرسول الله ص وآله. والسير على هداه.