الابتهال. وفي التفاتاته الى كتاب الكون المفتوح. وفي جمعه بين تدبير الله وتصريفه لأمور الناس ولأمور الكون معا اشارة الى الحقيقة الكبيرة حقيقة الالوهية الواحدة القوامة على الكون وعلى الناس. وحقيقة ان شأن الانسان ليس الا طرفا من شأن الكبير الذي يصرفه الله. وان الدينونة لله وحده. هي شأن الكون كله كما هي شأن الناس. وان الانحراف عن هذه القاعدة شذوذ وسفه وهبوط في العناء والشقاء في الدنيا والآخرة.
وفي قوامة الله هذا الخير كل الخير. فهو يتولاه بالعدل. يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء. ويعز من يشاء ويذل من يشا. بالعدل. انها اللمسة التي ترد القلب البشري الى الحقيقة الكبرى. حقيقة الالوهية الواحدة. وحقيقة العطاء الواحد. المدبر لأمر الكون وما حواه.
(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٢٨)
قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠))
البيان : لقد استجاش السياق القرآني في الفقرة الماضية الشعور بأن الامر كله لله. والقوة كلها له. والتدبير كله اليه. والرزق كله من عنده.
اذن فما الداعي لأن يتولى المؤمنون الكافرين. انه لا يجتمع في قلب واحد حقيقة ايمان بالله وموالاة اعدائه. الذين يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم فيتولوا ويعرضوا.