ففي الآية ٦٩ : بعدما يستعرض مسرح الحساب والجزاء ويعرض مشاهد العذاب والجحيم في الآخرة يقول القرآن :
«(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا) (وجدوا) (آباءَهُمْ ضالِّينَ ، فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ)» (يسرعون ويركضون خلف عقائد آبائهم وأعمالهم ـ معصبي العين).
وبعد هذه المرحلة من مواجهة الساخرين والمشككين والمغرورين ..
يأتي القرآن ليعرض نماذج صادقة من الفئة المؤمنة التي خضع أفرادها للحق واخبتوا لله ، وعشقوا الفضيلة ، وجاهدوا وناضلوا في سبيل العقيدة والرسالة ، وهاجروا وانطلقوا الى الله ، وعاشوا في أحضان الاضطهاد والتضحيات كفاحا من أجل الحق وعشقا للحق وحبا لله ورفضا للباطل والجاهلية : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
ويأتي وعد الله لهم بالنصر والغلبة.
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ).
والذي يستنتجه الانسان من عرض هذه القصص عن هؤلاء الانبياء انه يعتبر دليلا على زمالة النبي محمد لهم وصدق نبوته ، لان الذي يتكلم عن الانبياء وعنده اخبارهم وقصصهم بتسلسل موضوعي وفكري متين يدل هذا على ارتباطه بالمنبع الاساسي للرسالات والرسل .. وهو الله.
والهدف ـ من عرض قصصهم هنا ـ هو الرد على سخرية المشركين واستهزاءهم بالنبي محمد وتفنيدهم لنبوته.
(أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) فيرد عليهم القرآن :
(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ).
لذلك يستعرض قصة المرسلين واحدا بعد الآخر ، ويختار المشهد المناسب للموقف من حياتهم ، وهو عمل كل واحد منهم وجهاده وصموده ،