ثم انتصاره على أعداء الرسالة والطغاة والمتكبرين ، ووصوله الى الجزاء الحسن النعيم والخلود في الآخرة.
ففي ذيل كل قصة من قصصهم يردد القرآن :
(كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
ويعقبها بتحية اكبار لصمودهم وجهادهم ، تحية الخلود والاستبشار.
طبعا هذا تلويح بالمصير الاسود الذي ينتظر الكافرين بالاسلام.
لذلك وبعد الانتهاء من هذه السلسلة من الآيات التي كانت تضرب على وتر واحد هو تحطيم نفسية الغرور والعجرفة المتصلفة في الكافرين برسالة الاسلام ، وتحدي كبريائهم وعنجهيتهم المزيفة ، وبعد أن يتركهم تحت سياط الشعور بالندم والخيبة والحقارة ، بل حتى ايصالهم الى الجحيم وترويعهم بالنار.
بعد ذلك يتوجه الى النبي بأن يعتزلهم ويتخلى عنهم ، ويتركهم في غرورهم واستكبارهم ، ليحقق هذا الاستقلال النفسي والسياسي للجماعة المؤمنة ، ويدعو للفصل بين المواقع والانفصال في المواقف.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ).
ويتوجه اليهم بهذا السؤال العنيف وهذا الاستفهام الاستنكاري : لكي يحطم فيهم شعورهم الاهوج بالتحدي والغرور المزيف :
(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ)؟
(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ).
وبهذه الاستفهامات التي يستشم منها رائحة التحدي الأقوى والاستنكار نكتشف الاتجاه العام لسورة (الصافات).
فيبدأ باستفهام : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا؟)
وينتهي باستفهام : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ..؟).
وبين هذين الاستفهامين الاستنكاريين يضرب بعنف كل المبررات