فلماذا انخدعتم بكلامنا وشعاراتنا ، ألم يكن عندكم عقل وتفكير ، ولماذا انقادت جماعتكم لنا وانساقت وراء أعلامنا.
لماذا لم تشغلوا عقولكم وتفكروا بأنفسكم .. وتختاروا طريق العقل والانبياء.
حتى الانبياء دعوكم ـ فلماذا لم تستجيبوا لدعوتهم الى الحق ، واستجبتم لنا؟
هذه الحرية الذاتية والمسؤولية الفردية ، يحاول القرآن أن يؤكدهما بكل قوة وصراحة في العديد من الآيات.
حتى في موقف الانسان من الشيطان.
نجد ـ في الحوار الذي يجري بين الشيطان وبين أتباعه الذين أضلهم ، تأكيدا على الحرية الذاتية للانسان ، ومسؤوليته الكاملة في الانسياق وراء دعاوي الشيطان ومغرياته ، وبذلك يتحمل جزاء اعماله واختياره كاملا غير منقوص.
نجد في الآية ٢٢ من سورة ابراهيم تصويرا حيا لهذه المعاني :
«(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ : إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ، وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ، ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) (منقذكم) (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) (منقذين لي بل كل يتحمل مسؤلية حياته بنفسه) (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ، إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)».
كما يعرض نموذج الانسان الذي قاوم الاغراء والباطل وقاوم السخرية والاستهزاء ، فصار الان يستهزىء من مصير صاحبه المضل وهو في النار (راجع آية ٥٠ ـ ٦٠ سورة الصافات).
كما ينسف القرآن ـ في هذه السورة ـ فكرة التقليد الاعمى للاباء واقتفاء آثارهم بغير تمحيص او تقييم موضوعي صحيح.
ماذا في التاريخ ج ١٩ م ٦