وبعد أن تتابعت السور والآيات على مدى سنين عمر الوحي وهي ثلاث وعشرون سنة ، وتكاملت أجزاء القرآن .. أمر النبي صحابته بجمع القرآن وترتيبه ـ وذلك بعد أن هاجر الى المدينة واتنظمت امور المسلمين ـ
خصص النبي جماعة من أصحابه لهذا العمل ، وهو الاهتمام بشأن القرآن وكتابته وتعليمه وتعلمه ونشر الآيات وما ينزل عليه من الوحي ، فكانت هذه تسجل يوما بيوم حتى لا تضيع ، واعفي هؤلاء عن الحضور في جبهات القتال ..
ومن هؤلاء الجماعة اشتغل اناس بقراءة القرآن وحفظه وضبط سوره وآياته ، وهم الذين عرفوا فطيما بعد ب «القراء» ـ ومنهم استشهد في واقعة بئر معونة اربعون او سبعون شخصا (١).
وكان كلما نزل من القرآن أو ينزل تدريجيا يكتب في الالواح او أكتاف الشاة او جريد النخل ويحفظ.
وبعد رحلة النبي صلىاللهعليهوآله الى الرفيق الاعلى جلس علي عليهالسلام وهو اعلم الناس بالقرآن ـ في بيته ـ كما عن كتاب الاتقان ـ حتى جمع القرآن في مصحف على ترتيب النزول ولم يمض ستة أشهر من وفاة الرسول الا كان علي قد فرغ من جمع القرآن .. وحمله للناس.
وبعد انتهاء حرب اليمامة التي قتل فيها سبعون من القراء ، أي بعد رحلة النبي بسنة واحدة ، أمرت الخلافة جماعة من قراء الصحابة بقيادة زيد بن ثابت بجمع القرآن من الالواح وجريد النخل والاكتاف التي كانت في بيت النبي بخطوط كتاب الوحي والتي كانت عند بقية الصحابة.
__________________
(١) «القرآن في الاسلام» نقلا عن المصحف للسجستاني.