يفرق ـ وقوله ـ والفرقان ـ معناهما واحد فان الفرقان هو المحكم الواجب العمل به كما مضى في الحديث ، وقد قال تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) ـ أي حين أنزلناه نجوما ـ (فَإِذا قَرَأْناهُ) عليك ـ حينئذ ـ (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ـ أي جملته ـ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ، في ليلة القدر بانزال الملائكة والروح فيها عليك وعلى أهل بيتك من بعدك بتفريق المحكم من المتشابه وبتقدير الاشياء وتبيين أحكام خصوص الوقايع التي تصيب الخلق في تلك السنة الى ليلة القدر الاتية ، قال في الفقيه : تكامل نزول القرآن ليلة القدر وكأنه أراد به ما قلناه وبهذا التحقيق حصل التوفيق بين نزوله تدريجا ودفعة واسترحنا من تكلفات المفسرين.
وقال الشيخ محمد حسين الاصفهاني النجفي ـ ره ـ (١) : لما كان جميع الحوادث الواقعة في السنة مقدرة الاحكام والحدود في ليلة القدر على ما يستفاد من الاخبار المستفيضة لزم منه أن يكون الايات التي نزل في كل سنة ثابتة متعينة في ليلة القدر التي تقع في تلك السنة ، ولهذا يصح القول بان القرآن نزل في ليلة القدر وفي شهر رمضان لانها فيه على ما يستفاد من المستفيضة المعتضدة بالكتاب ، لكن الظاهر من تنكير الليلة في الاية الثالثة (٢) ورواية حفص المتقدمة ، وذكر مضمون هذا الجزء منه (أعنى قوله نزل القرآن جملة واحدة الخ ..) على ابن ابراهيم في تفسيره من دون اسناد الى الامام (ع) لكن الظاهر أخذه من رواياتهم مع ما يشعر به سائر الروايات ، أن القرآن نزل في ليلة واحدة جملة ـ خبر لقوله لكن الظاهر ـ.
وحينئذ فيمكن أن يقال أن القرآن انما قرر وثبت كلا تبعا لتقدير النبوة والرسالة لانه لما قدر الرسالة والانذار قدر المرسل به والمنذر به لانه
__________________
(١) التفسير ص ٤٩.
(٢) مراده انا انزلنا فى ليلة مباركة.