الناس أي منزلة وشرف ، ومنه : ما قدروا الله حق قدره ، أي ما عظموه حق عظمته عن الزهري.
وقال أبو بكر الوراق : لان من لم يكن ذا قدر اذا أحياها صار ذا قدر ، وقال غيره لان للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا ، وقيل : سميت ليلة القدر لانه أنزل فيه كتاب ذو قدر الى رسول ذي قدر لاجل أمة ذات قدر على يدي ملك ذي قدر ، وقيل : هي ليلة التقدير لان الله تعالى قدر فيها انزال القرآن ، وقيل سميت بذلك لان الارض تضيق بالملائكة من قوله : ومن قدر عليه رزقه عن الخليل بن أحمد ، وقال الكاشاني (١) :
والمستفاد من مجموع هذه الاخبار وخبر الياس الذي أورده في الكافي في باب شأن انا انزلناه في ليلة القدر وتفسيرها من كتاب الحجة ان القرآن نزل كله جملة واحدة في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان الى البيت المعمور ، وكأنه أريد به نزول معناه على قلب النبي (ص) ، كما قال تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ).
ثم نزل في طول عشرين سنة نجوما من باطن قلبه الى ظاهر لسانه كلما أتاه جبرائيل (ع) بالوحي وقرأه عليه بألفاظه ، وان معنى انزال القرآن في ليلة القدر في كل سنة الى صاحب الوقت انزال بيانه بتفصيل مجمله وتأويل متشابهة وتقييد مطلقه وتفريق محكمه من متشابهه ، وبالجملة تتميم انزاله بحيث يكون هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، كما قال الله سبحانه : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ـ ليس ليلة القدر منه ـ (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) تثنية (٢) لقوله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ـ أي محكم ـ أمرا من عندنا انا كنا مرسلين ، فقوله ـ فيها
__________________
(١) تفسير الصافى : ج ١ ـ ص ٤٢.
(٢) تثبيت خ ل.