الاول أو وجد الثاني ، ـ ويكون ذلك باختيار الانسان بالضرورة ـ لم يكن ذلك منافيا لعلم الله بعواقب الامور ولم يكن مخالفا لجفاف قلم التقدير اذ قد عرفت بان افعال العباد خيرا وشرا جزء لا يتجزأ من التقدير ، فدعاء الخير مثلا في ليلة القدر وكذلك احياؤها جزء أساسي من التقدير في تلك الليلة ، ولذا يسأل عن المعصوم (ع) بان الرقية (١) من القدر فيجيب ب ـ نعم ـ.
الرابع : لقد تصدى جمع من العلماء للجمع بين الايات والاخبار المتخالفة في نزول القرآن ، قال ابن عباس (٢) : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم كان ينزله جبرائيل على محمد (ص) نجوما وكان من أوله الى آخره ثلاث وعشرون سنة.
وقال الشعبي : معناه انا ابتدأنا انزاله في ليلة القدر ، وقال مقاتل : أنزله الله من اللوح المحفوظ الى السفرة وهم الكتبة من الملائكة في السماء وكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبرائيل على النبي (ص) في السنة كلها الى مثلها من قابل ، والكلام في ليلة القدر على ضروب ، فالاول : الاختلاف في معنى هذا الاسم ومأخذه فقيل سميت ليلة القدر لانها الليلة التي يحكم الله فيها ويقضي بما يكون في السنة بأجمعها من كل أمر ، عن الحسن ومجاهد وهي الليلة المباركة في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)، لان الله ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة ، وروى أبو الضحى عن ابن عباس انه قال : يقضي القضايا في ليلة النصف من شعبان ثم يسلمها الى أربابها في ليلة القدر ، وقيل : ليلة القدر أي ليلة الشرف والخطر وعظم الشأن من قولهم رجل له قدر عند
__________________
(١) الدعاء المكتوب ـ التعويذ ـ.
(٢) مجمع البيان : تفسير سورة القدر.