شبهة فيه لما قلناه من جواز تعلق المصلحة بالحكم دون التلاوة ، الى أن قال : واما جواز النسخ فيهما فلا شبهة أيضا فيه لجواز تغير المصلحة فيهما وقد ورد النسخ بجميع ما قلناه لان الله تعالى نسخ اعتداد الحول بتربص اربعة اشهر وعشرا ونسخ التصدق قبل المناجاة ، ونسخ ثبات الواحد للعشرة ، وان كانت التلاوة باقية في جميع ذلك ، وقد نسخ أيضا التلاوة وبقي الحكم على ما روى من آية الرجم من قوله الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله ، وان ذلك مما انزله الله والحكم باق بلا خلاف ، وكذلك روى في تتابع صيام كفارة اليمين في قراءة عبد الله بن مسعود لانه قد نسخ التلاوة والحكم باق عند من يقول بذلك واما نسخهما معا فمثل ما روى عن عائشة انها قالت كان فيما انزله تعالى عشرة رضعات يحرمن ثم نسخت بخمس عشرة فخبرت بنسخه تلاوة وحكما ، وانما ذكرنا هذه المواضع على جهة المثال ولو لم يقع شيء منها لما اخل بجواز ما ذكرناه وصحته لان الذي أجاز ذلك ما قدمناه من الدليل وذلك كاف في هذا الباب. انتهى كلامه رحمهالله.
وفي البحار (١) نقلا عن تفسير النعماني : فمما سألوه عن الناسخ والمنسوخ فقال (ع) : ان الله تبارك وتعالى بعث رسوله (ص) بالرأفة والرحمة فكان من رأفته ورحمته انه لم ينقل قومه في أول نبوته عن عادتهم حتى استحكم الاسلام في قلوبهم وحلت الشريعة في صدورهم فكانت من شريعتهم في الجاهلية ان المرأة اذا زنت جلست في بيت وأقيم بأودها حتى يأتي الموت واذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه وآذوه وعيروه ولم يكونوا يفرقون غير هذا قال الله تعالى في أول الاسلام : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٩٥ الطبعة الحجرية.