لا مع حكمها ، وانت خبير بان ذلك هو التحريف بالنقيصة الذي قد مر منا بطلانه ثم انه لا يمكن موافقتهم في مقدار المنسوخ من الآيات اذ التخصيص أو التقييد او بيان اكمل المصاديق أو العدول التخييري أو ما شابه ذلك لا يكون من النسخ المصطلح قطعا.
وفي مقابل هؤلاء المكثرين للنسخ من أنكر وقوعه اطلاقا وهو أبو مسلم بن بحر الاصفهاني اذ قال بجواز النسخ وعدم وقوعه زاعما أن قوله تعالى (١) : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)، يدل على عدم النسخ لان النسخ ابطال للمنسوخ ، وقد تصدى للجواب عن موارد النسخ ، ولكنه توهم فاسد لان معنى الاية ان القرآن بما هو كلام الهي ومنهج عبادي وقانون نظامي وميزان اخلاقي ومعيار اصلاحي ومنبع للعلوم وشامل للسعادات الدنيوية والاخروية وكافل للعدالة الفردية والاجتماعية وجامع للجوامع الخيرية ودافع للرذائل والشرور على نحو العموم والكلية ، لا يتصور في أي جانب من جوانبه توهم العثور على خطأ ولا يتقدمه كتاب سماوي او قانون عقلي يقتضي بطلانه ولا يأتي من بعده كتاب سماوي أو رشد فكري يوجب بطلانه ، وليس معنى الاية الا انه لا يأتي لعامه خاص ولا لمطلقه مقيد ولا لحكمه غاية.
واما علماء الشيعة فقد وافق الشيخ الطوسي ـ قده ـ علماء العامة في أغلب الموارد التي قالوا بالنسخ فيها ، فقال في العدة :
فصل : في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ، ونسخ التلاوة دون الحكم ، جميع ما ذكرناه جائز دخول النسخ فيه لان التلاوة اذا كانت عبادة ، والحكم عبادة أخرى جاز وقوع النسخ في احداهما مع بقاء الآخر كما يصح ذلك في كل عبادتين ، واذا ثبت ذلك جاز نسخ التلاوة دون الحكم والحكم دون التلاوة ، الى ان قال : وأما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فلا
__________________
(١) فصلت ، الآية : ٤٢.