وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ : وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ، وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) الا الذين آمنوا ، (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)، وغير ذلك من الايات التي خصت باستثناء أو غاية ، وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ ، ومنه قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ).
قيل أنه نسخ بقوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)، وانما هو مخصوص به ، وقسم رفع ما كان عليه الامر في الجاهلية او في شرائع من قبلنا أو في أول الاسلام ولم ينزل في القرآن كابطال نكاح نساء الاباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا ادخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم ادخاله أقرب ، وهو الذي رجحه المكي وغيره ، ووجهوه بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه ، اذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب.
قالوا وانما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية ، انتهى. نعم ، النوع الاخر منه وهو رافع ما كان في الاسلام ادخاله أوجه من القسمين قبله ، اذا علمت ذلك فقد خرج من الايات التي أوردها المكثرون الجم الغفير مع آيات الصفح والعفو ان قلنا ان آية السيف لم تنسخها وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير ، وقد أفردته بأدلته في تأليف لطيف ، وها أنا اورده هنا محررا ، فمن البقرة قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) الآية ، منسوخة قبل بآية المواريث وقيل بحديث : ألا لا وصية لوارث ، وقيل بالاجماع ، حكاه ابن العربي ، وقوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)، قيل منسوخة بقوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، وقيل محكمة ولا مقدرة ، قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ ،) ناسخة قوله : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، لان مقتضاها الموافقة فيما كان عليهم من