تجددها فيما سيأتي من الزمان فهو حق ولا محيص عن الاعتراف به ، فتلخص أن النسخ عبارة عن بيان انتهاء أمد الحكم ، الا ان صياغة الحكم على نحو العموم والقائه لا مؤقتا كان لمصلحة مختفية علينا ، كما في قوله تعالى :
١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (١) الآية .. اذ أن المصلحة كانت في ابداء الحكم مطلقا من جهة الافراد ونسخه الله تعالى بعد نجوى علي (ع) للنبي (ص) وتصدقه ، وكانت تلك المصلحة هي توجيه الاراء ولفت الانظار الى مقام علي (ع) ، وان من اختص بهذه الميزة والفضيلة يكون أولى الناس بالخلافة وأبرزهم في المنقبة وأقربهم الى النبي (ص) ، ونحن لا نقول بأن المصلحة متمحضة في اعلامنا بالمنافقين التاركين للعمل بهذه الآية حتى يشكل علينا باستلزام ذلك نفاق كبار الصحابة بل يكفي في مصلحة النسخ اظهار أولوية علي (ع) بالمناقب والمكرمات من الصحابة.
وقد يستشكل في النسخ بأن دليل النسخ ان كان ناظرا الى أن الحكم كان من الاول محدودا بغاية ومؤقتا بوقت ، لزم ألا يكون هناك نسخ في الواقع لان النسخ هو الازالة ، ولا ازالة في الحكم المحدود بغاية حين تحقق الغاية ، وان كان ناظرا الى أن الحكم المؤبد في الواقع أزيل من لوح التشريع لزم التناقض ، والجواب اختيار الشق الاول ، وأن النسخ قطع وازالة في مرحلة الظاهر لا في نفس الامر والواقع وأن المصلحة كانت في ابراز العموم أفرادا أو أزمانا فلا يكون في النسخ محذور كما لا يكون في التخصيص محذور.
تبصرة :
ذهب أبو مسلم بن بحر الاصفهاني الى عدم وقوع النسخ في
__________________
(١) المجادلة : الاية ١٢.