كان مؤقتا اذ يقال في الجواب بأن النسخ ظاهري صوري ، نعم لو ذهب احد الى ان النسخ واقعي ورد عليه اشكال حدوث العلم للباري تعالى بعد جهله المستلزم لمحذور محدودية علم الله ولمحذور وقوع التغير في ذات الله وكلاهما مناف لوجوب وجوده ، وقد يقرر الدليل العقلي على امتناع النسخ بتقريب يجمع بين الدليلين السابقين فيقال ان نسخ الحكم اما ان يكون لحكمة ظهرت لله تعالى بعد ان لم تكن ظاهرة له ، واما مع عدم الحكمة فان كان الاول لزم البداء في علم الله تعالى ، ومعنى البداء نشوىء رأي لم يكن. فلا بد حينئذ من أن يكون الله جاهلا بالحكم والمصالح وتعالى الله عن ذلك لان علمه بالمصالح الفردية والعائلية والنوعية ـ النظامية ـ عبارة عن العلم بالاصلح ، والعلم بالاصلح ـ فرديا او عائليا او نظاميا ـ ذاتي له ، ولا يكون بين ذاته المقدسة وبين علمه وسائر صفاته اثنينية وميز وتفاوت اذ الصفات الذاتية لله تعالى لا تنفك عنه ولا تتعدد ولا تتكثر ، فلا تكون صفاته زائدة على ذاته فيستحيل حدوث التغير في الصفات كما في الذات لأن الصفات عين الذات.
وان كان الثاني لزم اللغو والعبث في التشريع ، لان التشريع كان على نحو الدوام أولا ثم نسخ ثانيا وهذا عبث ، والحكيم تعالى منزه عن العبث اذ أن افعاله طرا معللة بالاغراض ، وان كانت واصلة للبشر ونافعة لهم ولم تكن عائدة اليه تعالى وهو الغني بالذات ، ولذا قلنا في محله بأن الله تعالى فاعل بالعناية والرضا ، بل لا بتهاج الذات بالذات أبدع وشرع معا.
والجواب أن الاحكام ناشئة عن الحكم والمصالح الا أنها ليست أبدية مطلقا ، بل بعضها مؤقتة وبعضها تجددية وبعضها دائمية حيث تعترف بوجدانك ان شرب الخمر قبيح بحسب الطبع وحسن لحفظ الحياة ، فالمراد من ظهور الحكمة بعد الخفاء ان كان عبارة عن عدم علمه تعالى بذلك فهو ممنوع ومستحيل ، وان كان انكشاف محدودية المصلحة السابقة أو