يكن فيه ملاك ، فلم امر ابراهيم كما سمعت هذا الاشكال في مورد النسخ المصطلح؟ والجواب عن الاشكال في الاول ان الغرض هو الاختبار وقد حصل ، وعن الاشكال في الثاني ان الملاك قابل للتغيير فربما يتغير ، وملخص الكلام انه يمكن ان تكون في الشيء بحسب الظروف الزمانية مصلحة الى ان يأتي زمان اخر ، وربما تتحقق للشيء مصلحة قاهرة بالنسبة الى المصلحة الموجودة فيه سابقا ، كما اذا اقتضت مصلحة التسهيل رفع اليد عن جملة الاحكام الشاقة ، ويشهد على ذلك ما نطلبه من الله سبحانه بقولنا حاكيا لكلام الله (١) : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا).
٢ ـ ان النسخ يستلزم البدء وهو ملازم للجهل ، فنسخ الاحكام يستلزم جهل الله بالعواقب ، وهذا محال لان التشريع ينشأ من علمه بالاصلح وعلمه تعالى بالاشياء تكوينا وتشريعا عين ذاته القديمة ، والجهل يستلزم النقص اولا والواجب منزه عنه والانقلاب ثانيا والواجب ليس محلا للتغيير ، فالاحكام المطلقة زمانا ـ غير المحدودة بغاية وغير المؤقتة بوقت ـ وجب استمرارها في عمود الزمان واستحلل طروء الزوال ـ النسخ ـ عليها.
والجواب ان الاطلاق الزماني ليس من المداليل الالتزامية للجمل الانشائية الامرة بشيء او الناهية عنه ، وانما هو نتيجة الاطلاق في مقام البيان ـ الخالي عن التقييد بزمان دون زمان ـ وتوضيح ذلك ان للجمل المسوقة لبيان الاحكام اطلاقات ثلاثة بحسب طباعها الاولية ، واعني بالطباع الارسال من النواحي الاتية وعدم التقييد باحدى القيود الثلاثة :
الاول : الاطلاق من جهة الأفراد.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٨٦.