المطلب الثاني
في الاستدلال على امتناع النسخ في الاحكام عقلا والجواب عنه :
يمكن ان يستدل على امتناع النسخ بأمرين :
١ ـ الشيء لا يخلو اما ان يكون ذا مصلحة يؤمر به لاجلها ام لا فان كان ذا مصلحة وجب عقليا ان يؤمر به كل مكلف في كل زمان على مذهب العدلية والامامية القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين ، وان لم يكن ذا مصلحة وجب الا يؤمر به فضلا عما اذا كان فيه مفسدة اذ وجب ان ينهى عنه ، ومن المعلوم ان النسخ عبارة عن ازالة الحكم عن الوعاء المناسب له وهو وعاء التشريع ، فاذا امر الشارع بشيء في زمان لا يمكن ان ينهى عنه في زمان اخر.
والجواب عن هذا الدليل ان الافعال من حيث الحسن والقبح على نحوين :
الاول : ما يكون حسنا او قبيحا في جميع الازمنة والامكنة ، ولكل شخص وفي كل حال ، نظير الاعتقاد قلبا بالمعارف الالهية الحقة لانه حسن وعدل في عالم العبودية وموافق للبراهين العقلية التي لا تكون قابلة للتخصيص والاستثناء لان قاعدة نشوء المعلول عن العلة واحتياج الممكن المسبوق بالعدم الى الواجب الموجد له ، لا تختص بشخص دون شخص وزمان دون زمان آخر وحالة دون اخرى. وحينذاك يحكم العقل بوجوب عقد القلب بالواجب الخالق للممكنات ويحكم بقبح الجحد به تعالى وتقدس.
الثاني : ما يكون بحسب طبعه الاولى حسنا او قبيحا ولكن ربما يطرأ عليه عنوان ينقلب به عما كان عليه من الحسن او القبح ، ولذا قالوا بأن حسن الافعال وقبحها كما يكون بالذات ايضا بالوجوه والاعتبارات. وقالوا بان ضرب اليتيم من هذا القسم ، اذ ضربه بما هو