الشريعة اللاحقة ليست مزيلة للشريعة السابقة على نحو الاطلاق بل مكملة لها ، ولذا نحن نؤمن بأنبياء الله وكتبه ورسله قال الله تعالى (٤) :
(وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ).
بل لا يعقل نسخ جملة من الاحكام كوجوب الاعتقاد بالمعارف الالهية الحقة ووجوب العدل وحرمة الظلم.
نعم نسخت بعض الاحكام والا فجميع الاديان مشتركة في التوحيد والنبوة والمعاد ، بل الامامة ، لانه كان لكل نبي وصي ، فالشرائع انما هي مدارس الهية تكاملية الا بالنسبة الى جملة الاحكام التي كانت ذات مصالح زمنية وكانت في اغلبها مشقة اقتضت المصلحة تحميلها على بعض الامم ، ويدل على ذلك قوله تعالى (٥) : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) ، الآية ..
وبالجملة ، نسخ الاديان بالمعنى الذي قلنا من مجيء الشرائع كل تلو الاخرى امر بديهي ضروري تاريخيا لا مجال لا نكاره ، فاليهود مجازفون في هذه الدعوى التي تكذبها حتى توراتهم المحرفة وقد سمعت ان عيسى عليهالسلام قد بشر بمجيء نبينا ص وآله ، وقال الله تعالى (٦) ، (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)، وناهيك على ذلك معرفة الاحبار بنبوة نبينا ص وآله وعلم الرهبان بسماته وصفاته.
__________________
(٣) البقرة ، الآية ١٣٥.
(٤) البقرة ، الآية ٢٨٥.
(٥) سورة البقرة ، الآية ٢٨٦.
(٦) الصف ، الآية ٦.