وفيه أنه لا دوران بين اصالة العموم الكتابي وسند الخبر ، اذ المخالفة انما هي في مدلول الخبر لا في نفس الخبر ، لانه لو لم يكن مضمون الخبر متضمنا للتخصيص ومخالفا لعموم العام بالعموم والخصوص لم يكن موجبا لهذا النزاع ، فالدوران انما هو بين الخبر الدال على التخصيص وعموم العام ، ولذا يلتزم القائل بعدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد بحجيته ما لم يكن مخالفا للكتاب ، فالجواب الصحيح ان الخاص حاكم على العام بالحكومة المقامية ومبين لمراد المتكلم الجدي من العام ، وبذلك يظهر ما في الكلام السيد عميد الدين شارح ـ التهذيب ـ من الترديد والدوران الذي ذكره ، وأن الصحيح ما ذكرنا.
الثاني : أنه لو جاز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، لجاز نسخ الكتاب به ولا اشكال عند القوم بأنه لا يجوز ، فكذلك لا يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، وفيه أن موارد النسخ محددة ومعينة في الشرع وجميع تلك الموارد ثابتة بالكتاب ، فلا يكون شيء من الاحكام القرآنية الا وقد علم ناسخها ومنسوخها ، فلم يبق مورد للنسخ حتى يتكفله الخبر الواحد ، فلا نقول بانه لا يمكن أن يكون الناسخ موجودا عند أهل البيت (ع) كما سنشير اليه ان شاء الله في مسألة النسخ ، ولا نقول بانه لا يمكن بيانه من قبلهم بعد حين ولا نقول أيضا بانه لا يمكن أن يخبرنا بالنسخ العادل الثقة ، كيف ونحن نقول ان العلم بالاحكام الشرعية انما هو من مختصات النبي (ص) وأوصيائه (ع) فمقتضى حجية الخبر الموثوق به كونه محرزا لمؤداه وان كان ناسحا أو مخصصا الا انه لا مجال لهذا القول لعدم وجود ناسخ يتكفله الخبر.
وأجاب الخراساني ـ ره ـ بان الاجماع منعقد على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، ويرد عليه ما تفطن اليه الشيخ الطوسي ـ ره ـ في العدة ، من أن الخبر دليل شرعي لا عموم يخص بعضه ويبقى منه بعض ، ومراده من ذلك أن دليلية الدليل عبارة عن كونه حجة ووسطا في