المتكلم له أن يبين موضوع خبره أو انشائه بألفاظ متعددة اذا كان هذا الموضوع في الواقع وعلى وفق غرضه مقيدا لا مطلقا ، فله أن يأمر عبده بقوله : ائتني بماء حار في مورد تعلق غرضه بالماء اذا كان حارا ، وبقوله : ائتني بماء حار حلو ، في مورد تعلق غرضه بالماء اذا كان حارا وحلوا معا ، وهكذا ... ، ونتيجة ذلك أنه اذا كان في مقام بيان تمام مطلوبه ولم يقيده كان للمخاطب أن يأخذ باطلاق كلامه في عالم الامتثال ، ولكن يبقى للمتكلم حق التصرف في كلامه بأن يقيده ولو بعد حين ، ما لم يتأخر البيان عن وقت الحاجة الا اذا منعه مانع عن ذلك او عرضت له مصلحة في التأخير ، واذا صدر منه البيان لم يكن ذلك تصرفا لفظيا في كلامه السابق ، بل هو صدر منه البيان لم يكن ذلك او عرضت له مصلحة في التأخير ، واذا تصرف في مقام البيان ، وذلك لان التقييد ليس الا ضم لفظ له مدلول الى لفظ له مدلول آخر ، فالماء له مدلول والحار له مدلول آخر ، وضم الاخير الى الاول ليس الا ضم مدلول الى مدلول آخر اقتضى ذلك ضيق دائرة المطلوب ولما عرفت ان السريان في ألفاظ العموم ليس قيدا لمداليلها وضعا ، فقد عرفت ان التخصيص ليس تصرفا لفظيا في العام ، بل هو اما ضم وصف اليه في نحو : أكرم العلماء العدول ، واما جعل غاية للحكم في نحو : اكرم العلماء الى ان يفسقوا ، واما بيان خروج نوع في نحو : أكرم العلماء الا الفساق منهم ، واما منع عن سريان الحكم الى نوع في نحو : اكرم العلماء ولا تكرم فساقهم ، المستلزم لقصر الحكم على من عداهم ، من غير استلزم للتصرف اللفظي في العام بأن يكون العام بلفظه منقلبا عن اطلاقه الى التقييد بنقيض الخاص كما توهمه بعض فلنا أن نقول بأن الخاص حاكم مقامي بالنسبة الى العام ، اذ الحكومات المتصورة من دليل على آخر يكون على أقسام.
١ ـ الحكومة اللفظية ، وهي حكومة القرينة على ذي القرينة الدالة على المجاز في اللفظ.